لقد كانت دراستنا لموضوع تصورات إعلامية ثقافية بين الغرب و المشرق العربي، نماذج من الإعلام المترجم حول قضايا الأصولية و الصهيونية و السامية، بمثابة المطرقة التي تدق ناقوس الخطر الناجم عن مثل هذه النماذج بحيث أنها تنمي تصورات خطيرة و خاطئة من شأنها أن تصب في دلو العنصرية و العنف بعد قرون من المكافحة.
و هدفنا من هذه الدراسة هو تسليط الضوء على المنظور الحالي لترجمة الصحافة و ما ينجر عنها من اختلافات ثقافية إعلامية جذرية، و انتهينا باستنتاج أن ما يعرض في الإعلام الغربي يناقض ما يعرض في الإعلام العربي. هذا لا يعني جل الصحافة الغربية بالطبع لأننا نعلم أنها ترضخ لرؤى مالكيها.
فهناك فارق واضح بين إحساس الجمهور الغربي وإحساس الجمهور العربي. و يعود هذا الفارق إلى طريقة تقديم الوقائع التي تختلف مابين الإعلام الغربي والإعلام العربي الذي يؤثر سلبيا على عالم الغرب و الدليل علی ذلك الإنتقادات التي تتعرض لها قناة الجزيرة التلفزيونية لما تبثه من أخبار و ربورتاجات يعتقد الجمهور الغربي أنها مزيفة و لا أساس لها من الصحة لأن إعلامهم يمدهم بخلاف ذلك. ويعتبر هذا التأثير سياسيا وجيوستراتيجيا بحيث أن الغرب يستخدم وسائل الإعلام بإحكام لنشر مفاهيمه و سياسته و ثقافته بشكل يجعل العالم يساند أفعاله و يقدم على مثلها.
من جهة أخرى، إستطاع الإعلام العربي أن يأخذ قسطه من المصداقية لدى العديد من المفكرين و صانعي القرار لأنه أكثر من غيره يمد العالم بأسره بصور و شهادات حية عما يجري في العالم العربي و مما يجعل حتمية ترجمة الصحافة والإعلام بشكل عام كون معركة الإعلام إزدادت شراسة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي تم فيها مسح ناطحتي سحاب نيويورك (مركز التجارة العالمي) و التي ولدت في الشعب الأمريكي والغربي إهتماما كبيرا تجاه العالم العربي.
كان بن لادن و رفيق دربه الزواهري يطمحان إلى إحياء نفس "الجهاد" الذي فشل خلال فترة التسعينيات في مصر و البوسنة و المملكة العربية السعودية . كما كانا يطمحان إلى بعث روح الحماس في أنصارهم و نصر "الإسلام المتطرف" في العالم بضرب "العدو البعيد" الأمريكي.
أتت هذه التوترات في الوقت الذي جرت فيه شعوب المنطقة في دوامة لا مخرج منها خاصة بعد إندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الثانية التي تمتد جذورها إلى الصراع العربي الإسرائيلي الدائم منذ عشرات السنين و الذي تحدد تغطيته الإعلامية موقف الحكومات تجاهه، مما يجعل هذه الحكومات حصيفة فيما يخص حل هذه القضية.
في نفس الوقت، ذهب اللوبي المحافظ الجديد يحسب و يخطط لمصالح أمريكا الإستراتيجية في الشرق الأوسط. و بمزج الطموح الديمقراطي اللبيرالي و تأكيد الهيمنة، فتحت "الحرب على الإرهاب" الطريق نحو مسلسل أزمات في العراق المحتلة بشكل نهائي.
من جهة أخرى، كان لإحتلال أمريكا للعراق -بحجة تحرير الشعب العراقي من غطرسة صدام حسين و رفقائه- التأثير العكسي لذاك المرتقب من طرف أمريكا و حلفائها حيث يعتبر الرأي العام العالمي و العربي بوجه الخصوص هذا "التحرير" إحتلالا عسكريا ذو خلفيات سياسية و تجارية.
فهو يخدم المصالح السياسية، من جهة، لأن أمريكا تريد بسط نفوذها و إرساء قواعدها العسكرية و فرض هيمنتها و مفهومها الحضاري الغربي على العالم العربي و حماية إسرائيل و مصالحها. و من جهة أخرى، يخدم هذا الإحتلال المصالح التجارية لأن أمريكا تدرك جيدا أن من يملك الذهب الأسود بحجم ما تملكه دول المشرق من مخزون نفطي، فهو صاحب القرار على الساحة النفطية العالمية و بالتالي هو من يفرض "قواعد اللعبة". لهذا أصبح العراق (و الدول المجاورة له كالكويت و العربية السعودية) الأرضية المناسبة لضمان أمن "دولة إسرائيل" و التموين النفطي.
إن عمليات الإهانة و التعذيب التي تعرض لها المساجين العراقيين من جهة، و عمليات إختطاف الرهائن ذوي الجنسيات الغربية وإعدامهم من طرف الجهاديين من جهة أخرى، يوضح الحال الذي آلت إليه البلاد العربية و المأزق الذي وقعت فيه الحكومة الأمريكية و حلفائها.
في هذا الجو الذي يسوده اللاأمن واللاإستقرار و الدعاية ، تلعب وسائل الإعلام دورا حاسما في تنوير الرأي العام أو خداعه. من جهة أخرى، ليس للجمهور الغربي منفذ للأخبار العربية وهذالأن القليل منهم قارئ للعربية و القليل من الصحافة العربية تترجم إلى لغات أجنبية.
وقع اختيارنا على مدونة لمعهد دراسات الاعلام الشرق الأوسط (ممري1) تتوافق و مراد دراستنا و هو
عرض نماذج اعلامية ثقافية تتطرق لمواضيع الأصولية و السامية و الصهيونية. عنوان المدونة كالآتي
"A new antisemitic Myth in the Middle East Media : The September 11 attacks were perpetrated by the Jews"
ترجمناها : (الأسطورة الجديدة المعادية للسامية في إعلام الشرق الأوسط : اليهود هم مرتكبو هجومات 11/9). تدرس هذه المدونة بشكل منحاز عددا من الصحافة العربية المتطرقة لأحداث 11/9 و الحركة الصهيونية و الأصولية و معاداة السامية.
ما لاحظناه في تراجم هذه المقالات هو أنها ليست "صور طبق الأصل" أو بالأحرى ليست شاملة بل جزئية من حيث افتقارها لمعلومات في النص الهدف ، و هذا الإختيار متعمد حتى تكون هذه المقاطع جزءا من العمل التحريري وهذا لا يعد ترجمة أمينة. ضف إلى ذلك أن مترجمي هذه الوكالة يعبثون بإعادة صياغة جملة أو فقرة بحجة توظيفها في تركيبة النص التي صيغت في شكل فصول خصصت على هذا المنوال بغرض توجيه القارئ حتى لا يكون له رأيا مخالفا لرأي هذه الوكالة ؛ فهي تعلم أنه في حالة ما إذا زودته بترجمة النص كاملا قد يكون له الرأي الذي تريد الوكالة تجنبه و بالتالي فقد تفقد المصداقية المنتظرة من هذه الوسيلة الدعائية.
و الأكثر غرابة في هذا المنتوج "الحيادي" هو أن توم لانتوس و هو ديمقراطي سامي و عضو باللجنة العالمية للعلاقات التابعة للغرفة الأمريكية للنواب و كما يصفه البعض "أحد نجاة الإبادة الجماعية"، قد إفتتح الكتاب (المدونة محل البحث)، مما يدفعنا للشك في حياد هذه الوكالة ويبين مساندة بعض القوى الأمريكية لها. و إذا تمعنا في المقاطع المترجمة من طرف هذه الوكالة و التي تبعثها إلى مشتركيها، ندرك أنها تضع الصحافة العربية في "محور الشر" إذا إستندنا لمقولة بوش، و تبرز إسرائيل و الحركة الصهيونية في أمريكا و في العالم كله في وضعية الضحية. و حسب نفس الوكالة، فالصحافة العربية تلح في مقالاتها على رفض الإستيطان بفلسطين في غضون سلام مع إسرائيل، بل و أكثر من ذلك، فهي تؤيد اللجوء إلى العنف و تدعو إليه.
بالنظر إلى ما عرضناه سابقا، طرحنا التساؤل التالي: كيف يتصور الكتاب و الصحافيون في ثقافة ما الأفكار المسبقة حول ثقافة "الآخر" خاصة عن طريق الترجمة التأويلية؟ و كيف ينعكس ذلك على حوار الحضارات؟
لقد استعملنا المصطلحات المتداولة في معهد الترجمة بجامعة الجزائر، إلى جانب اعتمادنا على بعض المعاجم الأحادية والمزدوجة والمتخصصة والمجلات. كما اعتمدنا على كل ما تمكنا من جمعه من مراجع و مصادر أخذنا منها أمثلة لتدعيم تحليلنا النظري وهي الجرائد والمجلات والمواقع الاعلامية. و حتى نوضح بحثنا، قمنا بتقسيمه إلى خمسة فصول:
الفصل الأول: يحمل عنوان "ماهية الترجمة" و يدرسها من جانبين: الجانب التاريخي الذي يمكّننا من فهم المراحل التي مرت بها الترجمة من المفهوم الثنائي التطوّري، و الجانب العملي الذي نتطرق فيه إلى المفهوم الثلاثي الجدلي إلى التأويل و التفسير كونهما يخدمان الجانب التطبيقي لدراستنا. ها هو التقسيم:
1 -"تأريخ الترجمة" : و قسم إلى أربعة مراحل و هي التاريخ القديم، و القرون الوسطى، و العصر الحديث، و التاريخ المعاصر.
2 -"تعدد التنظير" : و تطرقنا فيه لجملة من النظريات كنظرية السكوبوس و نظرية النص المكافئ
3 -"التأويل" : أو الهرمنيوطيقا و قمنا بعرض منظور بول ريكور و هانس جورج ڤادامر، و التباس مفردتي "التأويل" و "التفسير" عند الفقهاء المسلمين.
4 -"النظرية التفسيرية" : أو نظرية المعنى كما يناديها البعض و قمنا بتعريفها و عرض منظور جامعة السوربون و على رأسها ليدرار و سلسكوفيتش.
الفصل الثاني: يحمل عنوان "تأملات ثقافية في العلاقة بين الحضارات" و فيه أربعة أقسام و هي
1 -"ماهية الحضارة" : قمنا بعرض تعاريف المختصين و نقل الالتباس القائم بين مفردتي "الحضارة" و"الثقافة".
2 -"الحضارة العربية الاسلامية" : قمنا برصد تاريخها و تقديم أهم خصائصها و علمائها و إسهاماتهم.
3 -"الحضارة الغربية" : قمنا برصد تاريخها و تقديم أهم خصائصها و علمائها و إسهاماتهم
-4"الأنا و الآخر حقيقة تاريخية أم إوهام معاصر": و تناولنا فيه قضية تصور الغرب للعرب و العكس. و هي قضية محورية و جد حساسة في عالمنا المعاصر ، و قمنا بتقسيم هذا الجزء بدوره إلى قسمين تناولنا فيهما موضوعين و هما: الحرب الصليبية و أحداث 11 سبتمبر 2001 و في هذا الموضوع قدمنا الوقائع و الحصيلة و ردود الأفعال الرسمية و التعاليق الصحفية.
الفصل الثالث: يحمل عنوان "تصورات ثقافية إعلامية في الأصولية و السامية و الصهيونية" و يدرس ثلاثة قضايا جوهرية تنصب كلها في "جدال" الحضارات و الأديان، و ها هو العرض المفصل لهذا الفصل:
1 – "العلاقة بين الأديان" : استهلنا العرض برؤية مبسطة -حتى لا نتيه- للعلاقة بين الأديان التي ربما تكون من أسباب الاصطدام الحضاري و رفض الحوار.
2 -"الأصولية" : و هي مشكلة من مشاكل الاصطدام الحضاري و رفض الحوار، و قد قمنا بتحديد مفهومها و تقديم نماذج عنها، ثم قمنا بتقديم تأملات ثقافية إعلامية عن ثلاث نماذج و هي الأصولية المسيحية و الصهيونية المسيحية و الأصولية الاسلامية.
3 -"الحركة الصهيونية" : و التي يعتبرها المحللون السياسيون نوعا من الأصولية الفكرية و السياسية و يرون أن أفكارها و مناوراتها جعلت الحوار عقيما، لذا قمنا بتعريفها و عرض.
مؤتمر بازل الذي تم فيه تحديد الوسائل الكفيلة لتحقيق الغاية الصهيونية المتمثلة في خلق وطن لليهود بالأراضي الفلسطيينية ثم انصرفنا لتقديم مختلف التصورات الثقافية الاعلامية حول هذا الموضوع.
4 -"السامية و معاداة السامية" : و هو موضوع شائك يتناقض فيه كبار المحللين لذا قمنا بتحديد مفهوم السامية و عرض مختلف التأملات الثقافية الاعلامية حول معاداة السامية.
الفصل الرابع: يحمل عنوان "الترجمة الاعلامية في ظل حوار الحضارات"، وفضلنا مفردة "حوار" على مفردة "جدال" لأننا نؤمن بإمكانية الحوار و حتميته، و يتناول أربعة جوانب هي:
1 -"الاعلام و حوار الحضارات"، و قمنا في هذا الجزء بعرض انطباعات مختلف الأطراف من غربيين و مستشرقين و عربا حول ثقافة الآخر و عقيدته و كيفية معالجة الصحافة لسياسة أمريكا ما بعد 11/9.
2 -"دور ترجمة الصحافة في حوار الحضارات"، و فيه قدمنا مثالا حيا عما ينجر من استعمال و ترجمة مفردات و عبارات يغمرها الالتباس مما يبرز أهمية الترجمة بشكل عام و ترجمة الصحافة بشكل خاص.
3 -"حتمية النهوض بالترجمة العربية لتشجيع حوار الحضارات"، فيه عرضنا وجوب تخصص المترجمين العرب في مجال معين حتى يتسنى لهم الالمام به و بالتالي تحسين مردودهم و النهوض بالترجمة لكي يملء الفراغ الفادح الموجود بيننا و بين الغرب.
4 -"هل حوار الحضارات ممكن"، تساءلنا عن إمكانية الحوار الحضاري الفعلي و ذلك
بعرض مختلف آراء الباحثين و الصحفيين المستشرقين الذين كرسوا جهودهم و أقلامهم لهذا الغرض .بكل شفافية و موضوعية.
الفصل الخامس: و يحمل عنوان "الشق العملي" و ينقسم إلى جزءين:
1 - "عرض المدونة"، و فيه قمنا بتقديم صورة عامة عن مؤسسة ممري، و هذا بدءا بتقديمها و عرض تعاليق الصحافة على ترجمتها و نماذج عن الاعلام المتطرق لتقاريرها و ختمناه بعرض ملخص عن المدونة.
2 - "تحليل المدونة"، و قمنا فيه بعرض عدة أمثلة من مختلف المقالات المنتقاة من المدونة و حللناها تبعا للترجمة التأويلية و قدمنا تفسيرنا الخاص كما قدمنا بعض التعاليق.
الخاتمة العامة: و فيها قمنا بجمع خلاصة كل فصل و أدلينا بما نطمح إليه بعد إنهاء هذه الدراسة
و قد اتبعنا في تدوين المراجع تارة الطريقة الانجلوسكسونية حيث اكتفينا بذكر اسم المؤلف و سنة الطبع و الصفحة المقتبس منها و تارة أخرى قمنا بإعطاء العنوان الالكتروني، و قد خلصنا إلى استنتاجات مهمة حسب تدرج الفصول، ها هو نصها:
إن كل منظري الترجمة المذكورين في دراستنا هذه يتحدثون عن تفسير المعنى و رده، نقل الرسالة، إستبدال نص بنص آخر مكافئ. إن أساس فعل الترجمة هو الاتصال الذي لا يمكن أن يعمل بدون فهم رسالة المرسل ثم إيصالها لمستقبل للرسالة. إذا، لنجاح عملية الترجمة يجب قبل كل شيئ فهم المعنى و ترجمته.
كما أن تفسير النصوص و تأويلها يقوم على معرفة السياق الذي جاءت فيه. من جهة أخرى، و رغم كون الخطأ من صفات الانسان، إلا أنه لا يمكن للمترجم التستر بهذه الصفة عند حدوث خطأ في ترجمة نص. فالقارئ لا يفرق بين الكاتب و المترجم كما أن الكاتب الأصلي يختفي ليترك مكانه للمترجم الذي يصبح في المقدمة و عليه حل المشاكل إن وجدت و البحث عن الحقيقة إن أخفت و إن لم يتمكن من الاثنين، فعليه إنذار القارئ بما تعذر عليه ترجمته.
لا نريد أن نضخم أهمية الترجمة في العصر الحالي، لكنها ضرورية في عدة مجالات أدبية كانت أم لا، أين تتخالف المصالح و أين يمكن لسوء الفهم و اللاتفاهم أن يؤديان إلى ما يحمد عقباه. علينا تأكيد دور الترجمة من حيث نقلها للرسالة أو عجزها عن ذلك. فالتفاهم بين الشعوب يمر بالحوار، غير أن الحوار يمر بالترجمة في خلاف الأنظمة العالمية (كلغة الصم و البكم و لغة البراي، و قانون المرور…) التي تكتسي طابع العالمية.
و قد مرّت الحضارتان العربية و الغربية بمراحل نهضة و ركود، و لكل واحدة أسبابها. إلا أن عالمنا المعاصر و رغم هيمنة الحضارة الغربية يشهد ظهور عدة أقطاب تنافسها التوسع الثقافي و أغلبها شرقية المشرب منها الصينية و الهندية و العربية.
يقوم المثقفون العرب بعد إنهاء دراستهم في الخارج بتغذية ثقافتهم بكل ما تحصلوا عليه من الغرب من علم و معارف و هذا لتطورير مجتماعتهم. من جهة أخرى، هناك منظورين متناقضين في العالم العربي؛ الأول متفتح و الثاني منطوي. فالمنظور المتفتح يمثله مثقفون واعون و ملمون بوضع الوطن العربي (الأمية، الركود الاقتصادي و الاجتماعي)، و المنظور المنطوي هو منظور الجماعات الدينية المتشددة و الرافضة لكل ما يأتي من الغرب الذي وصم شرفهم و دينهم مع الحروب الصليبية.
و جاء 11سبتمبر و إعلان بوش "حربه الصليبية على الارهاب" ليرمي الزيت على النار، فمعظم التعاليق الصحفية التي تتطرق إلى أحداث 11/9 تتحدث عن قضايا جدلية سنتعرض إلى ثلاث منها في الفصول التالية و هي الأصولية و معاداة السامية و الصهيونية.
و بعد استعراضنا للعلاقة بين الديانات، أدركنا أن ترتيبها التاريخي هو من دواعي رفض عقيدة الآخر بفعل التمسك بعقيدة الأنا و تقديسها و جعل من التشكيك فيها طابوها اجتماعيا و دوليا. ضف إلى ذلك الأصولية التي تدعو إلى رفض الآخر المختلف، وادعاء امتلاك الحقيقة الكاملة و تبرير الأعمال العنيفة لتطهير العالم من كل ما هو مختلف عن الأنا.
كما يؤكد جون جولدهامر3 أن الضمير و الاستقامة و الاحساس بالمسؤولية الشخصية هم أول الخسائر لأي ايديولوجية مخربة و التي يترتب عنها ما يلي : تعلم الناس كره الآخر المختلف و تفسير النصووص المقدسة حرفيا بدلا من تفسير ما ترمز له معاني الكلم، خلق أعداء حتى تضمن البقاء و الاستمرا، تصنيف الآخرين على أساس صفاتهم الجماعية مثل اللون أو الدين أو العرقية أو القومية أو الحالة الاقتصادية بدلا من رؤية الانسان الفرد، تشجيع النخبوية و الانعزالية و الكراهية و الاجحاف، اتخاذ المواقف المسبقة (الأبيض و الأسود) كالخير و الشر، الاعتقاد بأن نظامهم هو الحل لجميع مشاكل العالم، محاولة القيادة و السيطرة على المعلومات و الاتصالات الداخلة إلى و الخارجة من الجماعة بالاضافة إلى ما يفكر فيه المرء بينه و بين نفسه.
إن أسلحة الدمار الشامل التي يجب أن تثير قلقنا هي العقلية السامة للجماعات الأصولية و الصهيونية كمثال للأصولية توضح لنا لماذا يصعب للبعض تقبل كون الآخر مختلفا حتى و لو كانت له نفس العقيدة، فهو مختلف كونه لا يتبنى نفس الايديولوجية السياسية و القومية و من ثم، فكل من هو غير صهيوني فهو عدو يجب محاربته بشتى الوسائل المتاحة بدءا بالاعلام كونه سلاح العصر، فمن تحكم فيه كانت له الهيمنة الدعائية و بالتالي يسهل عليه محاربة عدوه ايديولوجيا و كسب عطف الرأي العام.
و علاوة على ذلك، كون السامية لا تقتصر على شعب واحد، فمن يريد ترسيخ مفهوم معاداة السامية في الأذهان و نسبتها إلى فئة معينة، ما عليه إلا القيام بضجة إعلامية عبر أكبر القنوات التلفزيونية و الصحف، و جعل معاداة السامية وسيلة ضغط يهابها المعارضون و يرضخ لها الأعداء. إلا أننا مجبرون إلى التصدي إلى كل محاولة داعية إلى نبذ الآخر و ذلك بتأكيد القاسم المشترك بيننا و هو الانسانية التي تحتم علينا قبول الآخر باختلافه و التحاور معه في كل القضايا الكونية.
فقد ظهرت على السطح من جديد فكرة صراع الحضارات بين الغرب و الاسلام في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر و ما تبعها من هجوم على أفغانستان و العراق. و ترى مجموعة من السياسيين و الدعاة المسيحيين و المعلقيين الاعلاميين في الغرب أن المسلمين يميلون إلى العنف و من ثم عندهم نزعة لتدمير سبل "الحياة المتحضرة" في الغرب.
و من الجانب الآخر، يوجد داخل العالم الاسلامي جماعات تؤمن بأن الغرب، و الولايات المتحدة على وجه الخصوص، تضع الاسلام و المسلمين على قائمة أهدافها الرئيسية، و لن يهدأ لها بال حتى تقهر الاسلام والمسلمين. و من حسن الحظ أن صورة العرب و المسلمين تختلف من قارة الى اخرى فهي ليست في استراليا أو في الصين كما هي في الغرب ويمكن القول ان الشعوب الاوروبية هي أكثر معرفة بالعرب من الأمريكيين، كما لا يرى العرب كلهم في الغرب المعادي ذلك ان المبادلات بين الدول أتاحت للشعوب أن تتعرف أكثر على بعضها البعض.
و يؤكد محمد عبد الفتاح محسن4 على أن "الحضارات تتفاعل و لا يمكن أن تتصادم. فهي تهدف إلى رقي الانسان و تقدمه و لحركة التاريخ مؤشرات واضحة، فقد سبق للحضارات القديمة البابلية و الأشورية و المصرية، و كذا الاسلامية و الهندية و اليونانية أن تفاعلت مع بعضها البعض في مزيج أدى إلى تقدم البشرية و تطورها. وكانت الأندلس مسرحا لتعاون الحضارات و تعايشها و أسهم في إزدهارها المسلمون و المسيحيون و اليهود.
إن تحليلنا للجزء التطبيقي المطوّر في الفصل الخامس مكننا من استنتاج بعض الحالات أين لم يكن للترجمة التأويلية نفع، كإهمال البعد المعلوماتي و وجود شحنات معنى ثقيلة في الكلمات و العبارات العربية رغم بساطتها متعلقة بالسياق الراهن للعالم العربي. كما لمسنا تعابيرا اصطلاحية و أخرى مجازية تدخل في إطار الثقافة العربية و ذهنياتها تحاشى مترجمو ممري ترجمتها -في نظرنا- لتجنب الغموض بالنسبة للعامة (عربا كانوا أم معربين)، غير أنه ترجم حرفيا صورا مجازية أخرى. كما نجد المعلومة المقدمة في فقرة ما من النص المتن غير منقولة في الفقرة التي تقابلها في النص المستهدف، و هذا حذف متعمد فيه، كما يمكن أن نجد تفسيرا في النص المستهدف يحتوي على معلومات غير متوفرة في النص المتن.
ضف إلى ذلك أنه عندما اختار مترجمو هذا المعهد أساليب تحرير خاصة، و نعني هنا ادراج كل المقاطع المترجمة في خضم فصول تدخل في تركيب عمل تحريري محض، فقد انحازوا عن مهمتهم وهي الترجمة وليس"الخيانة"، وذهبوا إلى حد إعادة صياغة تركيبة المعلومة كما لو كانوا "مؤلفي النص"، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل حول ما إذا كان العمل عمل مترجم أو منقح. إن عمل مترجمي ممري للصحافة العربية غير سديد حيث أنهم يطبقون الترجمة "التأويلية" المنجر عنها جنوحٌ عن المقاصد والدلالات الموضوعية متبعين برنامجا دعائيا يخدم مصالح مؤسستهم، مما يدفعنا إلى نقد العمل و الشك في وفائه. يقال أنه لاكتساب مصداقية، على الجريدة أخذ حساسية القراء بعين الاعتبار، والأمر نفسه بالنسبة للمترجم أكان فردا أم مؤسسة، حيث يجب أن لا ينسى أنه يترجم للعامة التي ستقرأ وتحلل وتحكم على الخبر الموجه لها أيا كانت طبيعته. فالعمل الذي يقوم به مترجمو هذه المؤسسة ما هو إلا مناورة ترجمية و إعلامية و دعائية على حد سواء.
فمن أغراض الترجمة الصحفية السياسية، أن بعض المقالات تترجم بغرض نقل الخبر أو المعلومة أو الحدث، وثمّة مقالات تكتسب أهميتها كمواد مترجمة مّما تقدّمه من إضاءة لتوجهات سياسية وقراءات لمسار المعطيات السياسية والاستراتيجية المتبدلة لحدث أو موقف بعينه.. لكن هناك أيضاً من يترجم فينفع في مزيد من الكشف لأسرار وهواجس وبواطن وسيكولوجيا "الآخر" خاصة إذا كان ذلك الآخر هو "العدو" أو صوتاً من أصواته
كما يبدو لنا أنه من الضروري إعادة النظر في سيرورة ترجمة الصحافة و التساؤل حول دور الترجمة في الصحافة خاصة إذا علمنا أن للمشرق والمغرب نظرة إعلامية مختلفة حيث نوافق السفير الأمريكي السابق ويليم روث5 حين طرح طريقتين ناجعتين بإمكانهما ترجيح كفة الميزان لصالح حرية الرأي و الحكم. تتمثل الطريقة الأولى في التعامل مع الصحافة اليهودية كما فعل ممري بالصحافة العربية و بذلك يقابل عمل ممري؛ أما الطريقة الثانية فتكمن في القيام بترجمة كاملة للجرائد باللغات الحية كما فعلت صحيفة حارتز الاسرائيلية التي تشمل نسخة بالعبرية و أخرى بالانجليزية؛ و عليه نعتقد أنه يجب أن نتبع نفس التحليل بالنسبة لقنوات البث التلفزيونية. و في هذا الصدد، يجب أن نشير إلى ما تقوم به قناة الجزيرة العربية من ترجمة فورية لكل الخطابات المنطوقة باللغات الأجنبية.
غير أنه هناك نقصا ملموسا فيما يقدمه الاعلام الغربي مقارنة مع ما يقدمه الاعلام العربي من أخبار. فمن الجانب العربي، قامت وسائل الاعلام الغربية بملئ هذاالفراغ بكل ما لديها من قنوات فضائية كنيوز ويك الناطقة بالعربية و سيانان، و بيبيسي و قنوات أخرى ذات جمهور عريض؛ أما من الجانب الآخر، فلم تتمكن وسائل الاعلام العربية من ملء ذاك الفراغ لأنها و ببساطة تقتصر على الجمهور العربي و لا تتبع سياسة توسعية نحو عالم الغرب. مع التغطية العالمية لشبكة الانترنت، ينبغي على كل الجرائد ترجمة نخبة من المقالات – إن لم نقل كل الطبعة – إلى اللغات الأجنبية. نحن ندرك أن هذه العملية تتطلب جهدا ماليا و بشريا كبيرين إلا أنه يعد إستثمارا إستراتيجيا مهما و مثمرا من شأنه جلب قراء هم أكثر فأكثر انتباها لما حولهم ومهتمون بحياتهم اليومية وماضيهم وخاصة مستقبلهم. علما أن الكرة الأرضية وبفضل التطور الباهر لتكنولوجيات الاعلام، تحولت إلى"قرية" أين يشعر كل فرد بأنه معني بكل الأخبار حتى تلك التي تأتيه من أبعد الأماكن.
و هدفنا من هذه الدراسة هو تسليط الضوء على المنظور الحالي لترجمة الصحافة و ما ينجر عنها من اختلافات ثقافية إعلامية جذرية، و انتهينا باستنتاج أن ما يعرض في الإعلام الغربي يناقض ما يعرض في الإعلام العربي. هذا لا يعني جل الصحافة الغربية بالطبع لأننا نعلم أنها ترضخ لرؤى مالكيها.
فهناك فارق واضح بين إحساس الجمهور الغربي وإحساس الجمهور العربي. و يعود هذا الفارق إلى طريقة تقديم الوقائع التي تختلف مابين الإعلام الغربي والإعلام العربي الذي يؤثر سلبيا على عالم الغرب و الدليل علی ذلك الإنتقادات التي تتعرض لها قناة الجزيرة التلفزيونية لما تبثه من أخبار و ربورتاجات يعتقد الجمهور الغربي أنها مزيفة و لا أساس لها من الصحة لأن إعلامهم يمدهم بخلاف ذلك. ويعتبر هذا التأثير سياسيا وجيوستراتيجيا بحيث أن الغرب يستخدم وسائل الإعلام بإحكام لنشر مفاهيمه و سياسته و ثقافته بشكل يجعل العالم يساند أفعاله و يقدم على مثلها.
من جهة أخرى، إستطاع الإعلام العربي أن يأخذ قسطه من المصداقية لدى العديد من المفكرين و صانعي القرار لأنه أكثر من غيره يمد العالم بأسره بصور و شهادات حية عما يجري في العالم العربي و مما يجعل حتمية ترجمة الصحافة والإعلام بشكل عام كون معركة الإعلام إزدادت شراسة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي تم فيها مسح ناطحتي سحاب نيويورك (مركز التجارة العالمي) و التي ولدت في الشعب الأمريكي والغربي إهتماما كبيرا تجاه العالم العربي.
كان بن لادن و رفيق دربه الزواهري يطمحان إلى إحياء نفس "الجهاد" الذي فشل خلال فترة التسعينيات في مصر و البوسنة و المملكة العربية السعودية . كما كانا يطمحان إلى بعث روح الحماس في أنصارهم و نصر "الإسلام المتطرف" في العالم بضرب "العدو البعيد" الأمريكي.
أتت هذه التوترات في الوقت الذي جرت فيه شعوب المنطقة في دوامة لا مخرج منها خاصة بعد إندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الثانية التي تمتد جذورها إلى الصراع العربي الإسرائيلي الدائم منذ عشرات السنين و الذي تحدد تغطيته الإعلامية موقف الحكومات تجاهه، مما يجعل هذه الحكومات حصيفة فيما يخص حل هذه القضية.
في نفس الوقت، ذهب اللوبي المحافظ الجديد يحسب و يخطط لمصالح أمريكا الإستراتيجية في الشرق الأوسط. و بمزج الطموح الديمقراطي اللبيرالي و تأكيد الهيمنة، فتحت "الحرب على الإرهاب" الطريق نحو مسلسل أزمات في العراق المحتلة بشكل نهائي.
من جهة أخرى، كان لإحتلال أمريكا للعراق -بحجة تحرير الشعب العراقي من غطرسة صدام حسين و رفقائه- التأثير العكسي لذاك المرتقب من طرف أمريكا و حلفائها حيث يعتبر الرأي العام العالمي و العربي بوجه الخصوص هذا "التحرير" إحتلالا عسكريا ذو خلفيات سياسية و تجارية.
فهو يخدم المصالح السياسية، من جهة، لأن أمريكا تريد بسط نفوذها و إرساء قواعدها العسكرية و فرض هيمنتها و مفهومها الحضاري الغربي على العالم العربي و حماية إسرائيل و مصالحها. و من جهة أخرى، يخدم هذا الإحتلال المصالح التجارية لأن أمريكا تدرك جيدا أن من يملك الذهب الأسود بحجم ما تملكه دول المشرق من مخزون نفطي، فهو صاحب القرار على الساحة النفطية العالمية و بالتالي هو من يفرض "قواعد اللعبة". لهذا أصبح العراق (و الدول المجاورة له كالكويت و العربية السعودية) الأرضية المناسبة لضمان أمن "دولة إسرائيل" و التموين النفطي.
إن عمليات الإهانة و التعذيب التي تعرض لها المساجين العراقيين من جهة، و عمليات إختطاف الرهائن ذوي الجنسيات الغربية وإعدامهم من طرف الجهاديين من جهة أخرى، يوضح الحال الذي آلت إليه البلاد العربية و المأزق الذي وقعت فيه الحكومة الأمريكية و حلفائها.
في هذا الجو الذي يسوده اللاأمن واللاإستقرار و الدعاية ، تلعب وسائل الإعلام دورا حاسما في تنوير الرأي العام أو خداعه. من جهة أخرى، ليس للجمهور الغربي منفذ للأخبار العربية وهذالأن القليل منهم قارئ للعربية و القليل من الصحافة العربية تترجم إلى لغات أجنبية.
وقع اختيارنا على مدونة لمعهد دراسات الاعلام الشرق الأوسط (ممري1) تتوافق و مراد دراستنا و هو
عرض نماذج اعلامية ثقافية تتطرق لمواضيع الأصولية و السامية و الصهيونية. عنوان المدونة كالآتي
"A new antisemitic Myth in the Middle East Media : The September 11 attacks were perpetrated by the Jews"
ترجمناها : (الأسطورة الجديدة المعادية للسامية في إعلام الشرق الأوسط : اليهود هم مرتكبو هجومات 11/9). تدرس هذه المدونة بشكل منحاز عددا من الصحافة العربية المتطرقة لأحداث 11/9 و الحركة الصهيونية و الأصولية و معاداة السامية.
ما لاحظناه في تراجم هذه المقالات هو أنها ليست "صور طبق الأصل" أو بالأحرى ليست شاملة بل جزئية من حيث افتقارها لمعلومات في النص الهدف ، و هذا الإختيار متعمد حتى تكون هذه المقاطع جزءا من العمل التحريري وهذا لا يعد ترجمة أمينة. ضف إلى ذلك أن مترجمي هذه الوكالة يعبثون بإعادة صياغة جملة أو فقرة بحجة توظيفها في تركيبة النص التي صيغت في شكل فصول خصصت على هذا المنوال بغرض توجيه القارئ حتى لا يكون له رأيا مخالفا لرأي هذه الوكالة ؛ فهي تعلم أنه في حالة ما إذا زودته بترجمة النص كاملا قد يكون له الرأي الذي تريد الوكالة تجنبه و بالتالي فقد تفقد المصداقية المنتظرة من هذه الوسيلة الدعائية.
و الأكثر غرابة في هذا المنتوج "الحيادي" هو أن توم لانتوس و هو ديمقراطي سامي و عضو باللجنة العالمية للعلاقات التابعة للغرفة الأمريكية للنواب و كما يصفه البعض "أحد نجاة الإبادة الجماعية"، قد إفتتح الكتاب (المدونة محل البحث)، مما يدفعنا للشك في حياد هذه الوكالة ويبين مساندة بعض القوى الأمريكية لها. و إذا تمعنا في المقاطع المترجمة من طرف هذه الوكالة و التي تبعثها إلى مشتركيها، ندرك أنها تضع الصحافة العربية في "محور الشر" إذا إستندنا لمقولة بوش، و تبرز إسرائيل و الحركة الصهيونية في أمريكا و في العالم كله في وضعية الضحية. و حسب نفس الوكالة، فالصحافة العربية تلح في مقالاتها على رفض الإستيطان بفلسطين في غضون سلام مع إسرائيل، بل و أكثر من ذلك، فهي تؤيد اللجوء إلى العنف و تدعو إليه.
بالنظر إلى ما عرضناه سابقا، طرحنا التساؤل التالي: كيف يتصور الكتاب و الصحافيون في ثقافة ما الأفكار المسبقة حول ثقافة "الآخر" خاصة عن طريق الترجمة التأويلية؟ و كيف ينعكس ذلك على حوار الحضارات؟
لقد استعملنا المصطلحات المتداولة في معهد الترجمة بجامعة الجزائر، إلى جانب اعتمادنا على بعض المعاجم الأحادية والمزدوجة والمتخصصة والمجلات. كما اعتمدنا على كل ما تمكنا من جمعه من مراجع و مصادر أخذنا منها أمثلة لتدعيم تحليلنا النظري وهي الجرائد والمجلات والمواقع الاعلامية. و حتى نوضح بحثنا، قمنا بتقسيمه إلى خمسة فصول:
الفصل الأول: يحمل عنوان "ماهية الترجمة" و يدرسها من جانبين: الجانب التاريخي الذي يمكّننا من فهم المراحل التي مرت بها الترجمة من المفهوم الثنائي التطوّري، و الجانب العملي الذي نتطرق فيه إلى المفهوم الثلاثي الجدلي إلى التأويل و التفسير كونهما يخدمان الجانب التطبيقي لدراستنا. ها هو التقسيم:
1 -"تأريخ الترجمة" : و قسم إلى أربعة مراحل و هي التاريخ القديم، و القرون الوسطى، و العصر الحديث، و التاريخ المعاصر.
2 -"تعدد التنظير" : و تطرقنا فيه لجملة من النظريات كنظرية السكوبوس و نظرية النص المكافئ
3 -"التأويل" : أو الهرمنيوطيقا و قمنا بعرض منظور بول ريكور و هانس جورج ڤادامر، و التباس مفردتي "التأويل" و "التفسير" عند الفقهاء المسلمين.
4 -"النظرية التفسيرية" : أو نظرية المعنى كما يناديها البعض و قمنا بتعريفها و عرض منظور جامعة السوربون و على رأسها ليدرار و سلسكوفيتش.
الفصل الثاني: يحمل عنوان "تأملات ثقافية في العلاقة بين الحضارات" و فيه أربعة أقسام و هي
1 -"ماهية الحضارة" : قمنا بعرض تعاريف المختصين و نقل الالتباس القائم بين مفردتي "الحضارة" و"الثقافة".
2 -"الحضارة العربية الاسلامية" : قمنا برصد تاريخها و تقديم أهم خصائصها و علمائها و إسهاماتهم.
3 -"الحضارة الغربية" : قمنا برصد تاريخها و تقديم أهم خصائصها و علمائها و إسهاماتهم
-4"الأنا و الآخر حقيقة تاريخية أم إوهام معاصر": و تناولنا فيه قضية تصور الغرب للعرب و العكس. و هي قضية محورية و جد حساسة في عالمنا المعاصر ، و قمنا بتقسيم هذا الجزء بدوره إلى قسمين تناولنا فيهما موضوعين و هما: الحرب الصليبية و أحداث 11 سبتمبر 2001 و في هذا الموضوع قدمنا الوقائع و الحصيلة و ردود الأفعال الرسمية و التعاليق الصحفية.
الفصل الثالث: يحمل عنوان "تصورات ثقافية إعلامية في الأصولية و السامية و الصهيونية" و يدرس ثلاثة قضايا جوهرية تنصب كلها في "جدال" الحضارات و الأديان، و ها هو العرض المفصل لهذا الفصل:
1 – "العلاقة بين الأديان" : استهلنا العرض برؤية مبسطة -حتى لا نتيه- للعلاقة بين الأديان التي ربما تكون من أسباب الاصطدام الحضاري و رفض الحوار.
2 -"الأصولية" : و هي مشكلة من مشاكل الاصطدام الحضاري و رفض الحوار، و قد قمنا بتحديد مفهومها و تقديم نماذج عنها، ثم قمنا بتقديم تأملات ثقافية إعلامية عن ثلاث نماذج و هي الأصولية المسيحية و الصهيونية المسيحية و الأصولية الاسلامية.
3 -"الحركة الصهيونية" : و التي يعتبرها المحللون السياسيون نوعا من الأصولية الفكرية و السياسية و يرون أن أفكارها و مناوراتها جعلت الحوار عقيما، لذا قمنا بتعريفها و عرض.
مؤتمر بازل الذي تم فيه تحديد الوسائل الكفيلة لتحقيق الغاية الصهيونية المتمثلة في خلق وطن لليهود بالأراضي الفلسطيينية ثم انصرفنا لتقديم مختلف التصورات الثقافية الاعلامية حول هذا الموضوع.
4 -"السامية و معاداة السامية" : و هو موضوع شائك يتناقض فيه كبار المحللين لذا قمنا بتحديد مفهوم السامية و عرض مختلف التأملات الثقافية الاعلامية حول معاداة السامية.
الفصل الرابع: يحمل عنوان "الترجمة الاعلامية في ظل حوار الحضارات"، وفضلنا مفردة "حوار" على مفردة "جدال" لأننا نؤمن بإمكانية الحوار و حتميته، و يتناول أربعة جوانب هي:
1 -"الاعلام و حوار الحضارات"، و قمنا في هذا الجزء بعرض انطباعات مختلف الأطراف من غربيين و مستشرقين و عربا حول ثقافة الآخر و عقيدته و كيفية معالجة الصحافة لسياسة أمريكا ما بعد 11/9.
2 -"دور ترجمة الصحافة في حوار الحضارات"، و فيه قدمنا مثالا حيا عما ينجر من استعمال و ترجمة مفردات و عبارات يغمرها الالتباس مما يبرز أهمية الترجمة بشكل عام و ترجمة الصحافة بشكل خاص.
3 -"حتمية النهوض بالترجمة العربية لتشجيع حوار الحضارات"، فيه عرضنا وجوب تخصص المترجمين العرب في مجال معين حتى يتسنى لهم الالمام به و بالتالي تحسين مردودهم و النهوض بالترجمة لكي يملء الفراغ الفادح الموجود بيننا و بين الغرب.
4 -"هل حوار الحضارات ممكن"، تساءلنا عن إمكانية الحوار الحضاري الفعلي و ذلك
بعرض مختلف آراء الباحثين و الصحفيين المستشرقين الذين كرسوا جهودهم و أقلامهم لهذا الغرض .بكل شفافية و موضوعية.
الفصل الخامس: و يحمل عنوان "الشق العملي" و ينقسم إلى جزءين:
1 - "عرض المدونة"، و فيه قمنا بتقديم صورة عامة عن مؤسسة ممري، و هذا بدءا بتقديمها و عرض تعاليق الصحافة على ترجمتها و نماذج عن الاعلام المتطرق لتقاريرها و ختمناه بعرض ملخص عن المدونة.
2 - "تحليل المدونة"، و قمنا فيه بعرض عدة أمثلة من مختلف المقالات المنتقاة من المدونة و حللناها تبعا للترجمة التأويلية و قدمنا تفسيرنا الخاص كما قدمنا بعض التعاليق.
الخاتمة العامة: و فيها قمنا بجمع خلاصة كل فصل و أدلينا بما نطمح إليه بعد إنهاء هذه الدراسة
و قد اتبعنا في تدوين المراجع تارة الطريقة الانجلوسكسونية حيث اكتفينا بذكر اسم المؤلف و سنة الطبع و الصفحة المقتبس منها و تارة أخرى قمنا بإعطاء العنوان الالكتروني، و قد خلصنا إلى استنتاجات مهمة حسب تدرج الفصول، ها هو نصها:
إن كل منظري الترجمة المذكورين في دراستنا هذه يتحدثون عن تفسير المعنى و رده، نقل الرسالة، إستبدال نص بنص آخر مكافئ. إن أساس فعل الترجمة هو الاتصال الذي لا يمكن أن يعمل بدون فهم رسالة المرسل ثم إيصالها لمستقبل للرسالة. إذا، لنجاح عملية الترجمة يجب قبل كل شيئ فهم المعنى و ترجمته.
كما أن تفسير النصوص و تأويلها يقوم على معرفة السياق الذي جاءت فيه. من جهة أخرى، و رغم كون الخطأ من صفات الانسان، إلا أنه لا يمكن للمترجم التستر بهذه الصفة عند حدوث خطأ في ترجمة نص. فالقارئ لا يفرق بين الكاتب و المترجم كما أن الكاتب الأصلي يختفي ليترك مكانه للمترجم الذي يصبح في المقدمة و عليه حل المشاكل إن وجدت و البحث عن الحقيقة إن أخفت و إن لم يتمكن من الاثنين، فعليه إنذار القارئ بما تعذر عليه ترجمته.
لا نريد أن نضخم أهمية الترجمة في العصر الحالي، لكنها ضرورية في عدة مجالات أدبية كانت أم لا، أين تتخالف المصالح و أين يمكن لسوء الفهم و اللاتفاهم أن يؤديان إلى ما يحمد عقباه. علينا تأكيد دور الترجمة من حيث نقلها للرسالة أو عجزها عن ذلك. فالتفاهم بين الشعوب يمر بالحوار، غير أن الحوار يمر بالترجمة في خلاف الأنظمة العالمية (كلغة الصم و البكم و لغة البراي، و قانون المرور…) التي تكتسي طابع العالمية.
و قد مرّت الحضارتان العربية و الغربية بمراحل نهضة و ركود، و لكل واحدة أسبابها. إلا أن عالمنا المعاصر و رغم هيمنة الحضارة الغربية يشهد ظهور عدة أقطاب تنافسها التوسع الثقافي و أغلبها شرقية المشرب منها الصينية و الهندية و العربية.
يقوم المثقفون العرب بعد إنهاء دراستهم في الخارج بتغذية ثقافتهم بكل ما تحصلوا عليه من الغرب من علم و معارف و هذا لتطورير مجتماعتهم. من جهة أخرى، هناك منظورين متناقضين في العالم العربي؛ الأول متفتح و الثاني منطوي. فالمنظور المتفتح يمثله مثقفون واعون و ملمون بوضع الوطن العربي (الأمية، الركود الاقتصادي و الاجتماعي)، و المنظور المنطوي هو منظور الجماعات الدينية المتشددة و الرافضة لكل ما يأتي من الغرب الذي وصم شرفهم و دينهم مع الحروب الصليبية.
و جاء 11سبتمبر و إعلان بوش "حربه الصليبية على الارهاب" ليرمي الزيت على النار، فمعظم التعاليق الصحفية التي تتطرق إلى أحداث 11/9 تتحدث عن قضايا جدلية سنتعرض إلى ثلاث منها في الفصول التالية و هي الأصولية و معاداة السامية و الصهيونية.
و بعد استعراضنا للعلاقة بين الديانات، أدركنا أن ترتيبها التاريخي هو من دواعي رفض عقيدة الآخر بفعل التمسك بعقيدة الأنا و تقديسها و جعل من التشكيك فيها طابوها اجتماعيا و دوليا. ضف إلى ذلك الأصولية التي تدعو إلى رفض الآخر المختلف، وادعاء امتلاك الحقيقة الكاملة و تبرير الأعمال العنيفة لتطهير العالم من كل ما هو مختلف عن الأنا.
كما يؤكد جون جولدهامر3 أن الضمير و الاستقامة و الاحساس بالمسؤولية الشخصية هم أول الخسائر لأي ايديولوجية مخربة و التي يترتب عنها ما يلي : تعلم الناس كره الآخر المختلف و تفسير النصووص المقدسة حرفيا بدلا من تفسير ما ترمز له معاني الكلم، خلق أعداء حتى تضمن البقاء و الاستمرا، تصنيف الآخرين على أساس صفاتهم الجماعية مثل اللون أو الدين أو العرقية أو القومية أو الحالة الاقتصادية بدلا من رؤية الانسان الفرد، تشجيع النخبوية و الانعزالية و الكراهية و الاجحاف، اتخاذ المواقف المسبقة (الأبيض و الأسود) كالخير و الشر، الاعتقاد بأن نظامهم هو الحل لجميع مشاكل العالم، محاولة القيادة و السيطرة على المعلومات و الاتصالات الداخلة إلى و الخارجة من الجماعة بالاضافة إلى ما يفكر فيه المرء بينه و بين نفسه.
إن أسلحة الدمار الشامل التي يجب أن تثير قلقنا هي العقلية السامة للجماعات الأصولية و الصهيونية كمثال للأصولية توضح لنا لماذا يصعب للبعض تقبل كون الآخر مختلفا حتى و لو كانت له نفس العقيدة، فهو مختلف كونه لا يتبنى نفس الايديولوجية السياسية و القومية و من ثم، فكل من هو غير صهيوني فهو عدو يجب محاربته بشتى الوسائل المتاحة بدءا بالاعلام كونه سلاح العصر، فمن تحكم فيه كانت له الهيمنة الدعائية و بالتالي يسهل عليه محاربة عدوه ايديولوجيا و كسب عطف الرأي العام.
و علاوة على ذلك، كون السامية لا تقتصر على شعب واحد، فمن يريد ترسيخ مفهوم معاداة السامية في الأذهان و نسبتها إلى فئة معينة، ما عليه إلا القيام بضجة إعلامية عبر أكبر القنوات التلفزيونية و الصحف، و جعل معاداة السامية وسيلة ضغط يهابها المعارضون و يرضخ لها الأعداء. إلا أننا مجبرون إلى التصدي إلى كل محاولة داعية إلى نبذ الآخر و ذلك بتأكيد القاسم المشترك بيننا و هو الانسانية التي تحتم علينا قبول الآخر باختلافه و التحاور معه في كل القضايا الكونية.
فقد ظهرت على السطح من جديد فكرة صراع الحضارات بين الغرب و الاسلام في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر و ما تبعها من هجوم على أفغانستان و العراق. و ترى مجموعة من السياسيين و الدعاة المسيحيين و المعلقيين الاعلاميين في الغرب أن المسلمين يميلون إلى العنف و من ثم عندهم نزعة لتدمير سبل "الحياة المتحضرة" في الغرب.
و من الجانب الآخر، يوجد داخل العالم الاسلامي جماعات تؤمن بأن الغرب، و الولايات المتحدة على وجه الخصوص، تضع الاسلام و المسلمين على قائمة أهدافها الرئيسية، و لن يهدأ لها بال حتى تقهر الاسلام والمسلمين. و من حسن الحظ أن صورة العرب و المسلمين تختلف من قارة الى اخرى فهي ليست في استراليا أو في الصين كما هي في الغرب ويمكن القول ان الشعوب الاوروبية هي أكثر معرفة بالعرب من الأمريكيين، كما لا يرى العرب كلهم في الغرب المعادي ذلك ان المبادلات بين الدول أتاحت للشعوب أن تتعرف أكثر على بعضها البعض.
و يؤكد محمد عبد الفتاح محسن4 على أن "الحضارات تتفاعل و لا يمكن أن تتصادم. فهي تهدف إلى رقي الانسان و تقدمه و لحركة التاريخ مؤشرات واضحة، فقد سبق للحضارات القديمة البابلية و الأشورية و المصرية، و كذا الاسلامية و الهندية و اليونانية أن تفاعلت مع بعضها البعض في مزيج أدى إلى تقدم البشرية و تطورها. وكانت الأندلس مسرحا لتعاون الحضارات و تعايشها و أسهم في إزدهارها المسلمون و المسيحيون و اليهود.
إن تحليلنا للجزء التطبيقي المطوّر في الفصل الخامس مكننا من استنتاج بعض الحالات أين لم يكن للترجمة التأويلية نفع، كإهمال البعد المعلوماتي و وجود شحنات معنى ثقيلة في الكلمات و العبارات العربية رغم بساطتها متعلقة بالسياق الراهن للعالم العربي. كما لمسنا تعابيرا اصطلاحية و أخرى مجازية تدخل في إطار الثقافة العربية و ذهنياتها تحاشى مترجمو ممري ترجمتها -في نظرنا- لتجنب الغموض بالنسبة للعامة (عربا كانوا أم معربين)، غير أنه ترجم حرفيا صورا مجازية أخرى. كما نجد المعلومة المقدمة في فقرة ما من النص المتن غير منقولة في الفقرة التي تقابلها في النص المستهدف، و هذا حذف متعمد فيه، كما يمكن أن نجد تفسيرا في النص المستهدف يحتوي على معلومات غير متوفرة في النص المتن.
ضف إلى ذلك أنه عندما اختار مترجمو هذا المعهد أساليب تحرير خاصة، و نعني هنا ادراج كل المقاطع المترجمة في خضم فصول تدخل في تركيب عمل تحريري محض، فقد انحازوا عن مهمتهم وهي الترجمة وليس"الخيانة"، وذهبوا إلى حد إعادة صياغة تركيبة المعلومة كما لو كانوا "مؤلفي النص"، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل حول ما إذا كان العمل عمل مترجم أو منقح. إن عمل مترجمي ممري للصحافة العربية غير سديد حيث أنهم يطبقون الترجمة "التأويلية" المنجر عنها جنوحٌ عن المقاصد والدلالات الموضوعية متبعين برنامجا دعائيا يخدم مصالح مؤسستهم، مما يدفعنا إلى نقد العمل و الشك في وفائه. يقال أنه لاكتساب مصداقية، على الجريدة أخذ حساسية القراء بعين الاعتبار، والأمر نفسه بالنسبة للمترجم أكان فردا أم مؤسسة، حيث يجب أن لا ينسى أنه يترجم للعامة التي ستقرأ وتحلل وتحكم على الخبر الموجه لها أيا كانت طبيعته. فالعمل الذي يقوم به مترجمو هذه المؤسسة ما هو إلا مناورة ترجمية و إعلامية و دعائية على حد سواء.
فمن أغراض الترجمة الصحفية السياسية، أن بعض المقالات تترجم بغرض نقل الخبر أو المعلومة أو الحدث، وثمّة مقالات تكتسب أهميتها كمواد مترجمة مّما تقدّمه من إضاءة لتوجهات سياسية وقراءات لمسار المعطيات السياسية والاستراتيجية المتبدلة لحدث أو موقف بعينه.. لكن هناك أيضاً من يترجم فينفع في مزيد من الكشف لأسرار وهواجس وبواطن وسيكولوجيا "الآخر" خاصة إذا كان ذلك الآخر هو "العدو" أو صوتاً من أصواته
كما يبدو لنا أنه من الضروري إعادة النظر في سيرورة ترجمة الصحافة و التساؤل حول دور الترجمة في الصحافة خاصة إذا علمنا أن للمشرق والمغرب نظرة إعلامية مختلفة حيث نوافق السفير الأمريكي السابق ويليم روث5 حين طرح طريقتين ناجعتين بإمكانهما ترجيح كفة الميزان لصالح حرية الرأي و الحكم. تتمثل الطريقة الأولى في التعامل مع الصحافة اليهودية كما فعل ممري بالصحافة العربية و بذلك يقابل عمل ممري؛ أما الطريقة الثانية فتكمن في القيام بترجمة كاملة للجرائد باللغات الحية كما فعلت صحيفة حارتز الاسرائيلية التي تشمل نسخة بالعبرية و أخرى بالانجليزية؛ و عليه نعتقد أنه يجب أن نتبع نفس التحليل بالنسبة لقنوات البث التلفزيونية. و في هذا الصدد، يجب أن نشير إلى ما تقوم به قناة الجزيرة العربية من ترجمة فورية لكل الخطابات المنطوقة باللغات الأجنبية.
غير أنه هناك نقصا ملموسا فيما يقدمه الاعلام الغربي مقارنة مع ما يقدمه الاعلام العربي من أخبار. فمن الجانب العربي، قامت وسائل الاعلام الغربية بملئ هذاالفراغ بكل ما لديها من قنوات فضائية كنيوز ويك الناطقة بالعربية و سيانان، و بيبيسي و قنوات أخرى ذات جمهور عريض؛ أما من الجانب الآخر، فلم تتمكن وسائل الاعلام العربية من ملء ذاك الفراغ لأنها و ببساطة تقتصر على الجمهور العربي و لا تتبع سياسة توسعية نحو عالم الغرب. مع التغطية العالمية لشبكة الانترنت، ينبغي على كل الجرائد ترجمة نخبة من المقالات – إن لم نقل كل الطبعة – إلى اللغات الأجنبية. نحن ندرك أن هذه العملية تتطلب جهدا ماليا و بشريا كبيرين إلا أنه يعد إستثمارا إستراتيجيا مهما و مثمرا من شأنه جلب قراء هم أكثر فأكثر انتباها لما حولهم ومهتمون بحياتهم اليومية وماضيهم وخاصة مستقبلهم. علما أن الكرة الأرضية وبفضل التطور الباهر لتكنولوجيات الاعلام، تحولت إلى"قرية" أين يشعر كل فرد بأنه معني بكل الأخبار حتى تلك التي تأتيه من أبعد الأماكن.